التعليم عن بعد: التغلب على كل الصعاب لتكوين مهارات تسيير الأعمال وبناء مستقبل أكثر إشراقًا

ظل هؤلاء اليمنيون ملتزمين بالعمل على تحسين سبل عيشهم، على الرغم من صعوبة الوصول الى الكهرباء والاتصالات والإنترنت.

20 ديسمبر 2020

التسمية: علوي ، 32 عامًا ، يشحن هاتفه المحمول باستخدام الطاقة الشمسية، حيث يشارك في تدريب على مهارات العمل | حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الانمائي في اليمن \2020

في منطقة سرار الجبلية النائية في محافظة أبين اليمنية، على بعد 75 كم شمال شرق مدينة عدن، يرفع 471 رجلاً وامرأة هواتفهم المحمولة في الهواء، في محاولةٍ منهم للحصول على النغمة المألوفة لالتقاطهم إشارة تغطية شبكة الموبايل ليتمكنوا من اجراء اتصالٍ ما.

"التغطية غير مستقرة. تروح وتأتي. على المرء أن ينتظر الإشارة لإجراء مكالمة "، علوي، 32 عامًا، أب لثلاثة أطفال يشرح الحال، يعمل باليومية ويعيش في سرار. ويضيف "الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية وتغطية الإنترنت سيئة للغاية هنا."

لا يمكن الوصول إلى سرار إلا من خلال المرور عبر تضاريس جبلية وعرة. تكاد الطرق تكون غير سالكة للتجار والذين يبيعون سلعهم بأسعار مرتفعة للغاية لهذه الأسباب. يعتمد الناس على جمع مياه الأمطار من السطوح وتخزينها في خزانات. لقد جفت المياه الجوفية تقريبًا في هذه المناطق، وقد تنقطع الكهرباء، التي يتم توليدها من قبل أشخاص محليين، لمدة شهر متواصل في المرة الواحدة.

كان علوي يعمل في خارج البلاد ذات مرة ولكن عندما عاد ليعيش مع عائلته في سرار، واجه الصعاب كي يجد عملاً مستقراً، حيث عمل كهربائياً وكذلك في النجارةً.

تعتمد عائلتي على دخلي اليومي، والذي هو بدوره غير منتظم. أحيانًا أجد عملاً وأحيانًا لا. يصف علوي الحال، وهو يتجول في طريق ترابي، نحو منطقة ذات تغطية أفضل للهاتف المحمول.

علوي ، 32 عاماً ، يتجول في طريق ترابي بحثاً عن تغطية أفضل للهاتف المحمول| حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الانمائي في اليمن \2020


كان علوي واحدًا من 471 شخصًا تم اختيارهم للمشاركة في تدريب مهارات تسيير الأعمال في سرار. بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قامت مؤسسة للجميع (FAF) باختيار الأشخاص الأكثر حماساً والساعيين لتحسين سبل معيشتهم.

لكن الانتشار السريع لوباء كورونا اضاف تحديات جديدة في هذه المناطق النائية أصلاً. كيف يمكننا تقديم التدريب لهذه المجتمعات المعزولة في بيئة آمنة وصحية؟

لماذا لا تستخدم واتس آب؟ التطبيق المعروف والذي من المرجح أن يكون لدى غالبية الأفراد على هواتفهم ويستخدمونه بسهولة وثقة. تشرح رباب، وهي مدربة مهارات الأعمال في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "أنه تطبيق سهل الاستخدام ومعروف ولا يتطلب اتصالاً قويًا بالإنترنت حتى يعمل". ما تم الوصول اليه كان تجربة تعليمية مختلطة وجهاً لوجه وعبر الإنترنت، والتي ضمنت الدعم المستمر والآمن للناس.

بالنسبة للكثيرين، مثل مجدي، وهو مدرس غير رسمي يبلغ من العمر 34 عامًا، كانت هذه تجربة جديدة، لكنه أدرك قيمتها بسرعة. "اللحظة التي ستبقى في ذهني إلى الأبد، هي عندما طبقنا التباعد الاجتماعي. كانت هذه هي المرة الأولى التي عرفت فيها عن هذا كإجراء وقائي ضد انتقال الأمراض، بما في ذلك كورونا. لن أنسى أبدًا هذا الإجراء المنقذ للحياة والذي يتم تطبيقه في جميع أنحاء العالم".

مجدي يحمل أوراقه وهاتفه بحثًا عن مكان مريح لبدء التدريب عبر الإنترنت مع زملائه في الفصل | حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن \2020

بعد اكمال 7 أيام من التعلُّم وجهًا-لوجه، اتجه المشاركون إلى هواتفهم المحمولة لتطبيق ما تعلموه. تبع ذلك دورة تدريبية لمدة 7 أيام، تم تقديمها من خلال الفيديو والصوت والرسائل النصية، مما سهل على المشاركين الالتحاق فيها وتجاوزوا الصعوبة المتولدة بسبب الوقت والمكان. استطاعت النساء أيضاً المشاركة بأمان من المنزل، أثناء رعاية أطفالهن، كما حصل المشاركون الذين لديهم معرفة أقل بالقراءة والكتابة على تسهيل أكبر من خلال استخدام الرسائل الصوتية كي يتمكنوا أيضًا من مواصلة رحلة التعلم.

"تم إجراء التدريب خلال شهر رمضان، في الوقت الذي كانت فيه جائحة كورونا مستشرية، ومع ذلك، ما زلنا مواصلين وبنجاح، على الرغم من الصعوبات، "يشرح مجدي الوضع حالياً، وهو الآن معتقد تماماً بفرصة التعلم عبر الإنترنت. "لقد لجأنا إلى التدريب عبر الإنترنت كإجراء وقائي للحفاظ على الحياة في ظل خطر الإصابة بفيروس كورونا".

كانت بعض الأيام أسهل من غيرها، كل مشارك أظهر التزامًا ملموساً، مدفوعًا بفكرة امتلاك مشاريعه التجارية الناجحة يومًا ما. "لسوء الحظ، كان اليوم الأول ممطرًا مع عاصفة رعدية، ولم نتمكن من حضور المحاضرة لأن الاتصال بالإنترنت كان ممكناً. لكن المحاضر كان متعاونًا وغير التوقيت،” يقول مجدي. أرسل المدربون أيضًا مواد للمشاركين لقراءتها في حال عدم القدرة على الاتصال، للتأكد من أنه حتى بدون اتصال، يمكنهم مواصلة التعلم.

: مجدي، 34 عامًا، يتكئ على الجدران الخارجية لمنزله للحصول على تغطية أفضل للهاتف المحمول والانضمام إلى زملائه في الفصل على واتس آب.

عبد الرحمن يشحن هاتفه على دراجته النارية استعدادًا للانضمام إلى زملائه في الفصل للتدريب عبر الإنترنت | حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن \2020


كان شحن الهواتف المحمولة أيضًا عقبة بالنسبة للأسر التي تعتمد على الطاقة الغير مستقرة، يوضح علوي: "كنا بحاجة إلى أنظمة طاقة شمسية متنقلة لإعادة شحن هواتفنا الذكية والتمكن من حضور التدريب عبر الإنترنت". "كان علينا الانتقال إلى المناطق التي توجد بها تغطية للإنترنت للبقاء على اتصال والمشاركة بنشاط في المجموعة، سواء خارج المنزل أو داخله"، يتابع كلامه بينما يقوم بإعداد نظام الطاقة الشمسية المحمولة بجانبه.

كبقية الزملاء، طور علوي ومجدي خطة عمل في ختام تدريبهم. قدم المدربون، مثل رباب، ملاحظات وعملوا مع المشاركين لتطوير أفكارهم. يوضح علوي: "لقد تعلمنا مصطلحات ومفاهيم اقتصادية جديدة وكذلك تعلمنا كيفية إدارة الأعمال الصغيرة". "فكرة عملي هي تربية النحل كي أحصل على العسل وأبيعه. الآن مع هذا التدريب، يمكنني تطبيق مهارات عملي في تربية النحل."

يهدف مجدي إلى افتتاح متجر صغير في وسط قريته، "أنا أعتبر التدريب خارطة طريق لإدارة الأعمال التجارية الخاصة. فكرتي هي فتح محل. المنحة المالية التي قدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ستمكنني من شراء ثلاجة لبيع المشروبات الباردة والآيس كريم للسكان. هذا لن يعود علي بالنفع أنا وعائلتي فحسب، بل سيستفيد الجميع من الخدمة التي سأقدمها. لن يحتاجوا إلى المشي حوالي ثلاثة كيلومترات للوصول إلى أقرب محل."

حصل المتدربون على تدريب مخصص ومصمم لدعم المشروع الذي اختاروه. تدرب البعض على الطاقة الشمسية، والبعض الآخر على تربية النحل، والبعض الآخر على إدارة الأعمال الصغيرة. بمجرد الموافقة على خطتهم وُزعت المنح الصغيرة لتمكينهم من شراء الأدوات والموارد اللازمة.

"كنت متحمسة للغاية للتدريب وشعرت بسعادة كبيرة عندما وافقوا على مشروعي. الآن أتمنى أن أنجح. لقد تلقيت منحة مالية لبدء مشروعي، وآمل أن يزيد رأسمالي العام المقبل بثلاثة أضعاف. سأبيع العسل داخل المنطقة، وسيستفيد المجتمع بأسره."

إجمالاً، تلقى أكثر من 900 امرأة ورجل يمني تدريباً على مهارات تسيير الاعمال، 471 عبر استخدام واتساب والباقي من خلال دروس وجهاً لوجه، في محافظات أبين ولحج وتعز.

منطقة صرار الجبلية الجميلة تجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة لليمنيين الذين يعيشون هنا | حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن \2020


***

تم تنفيذ هذه الأنشطة كجزء من ضمن تدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن (الصمود الريفي 2) بالشراكة مع منظمة كير الدولية ودعم تمويل سخي من الاتحاد الأوروبي والوكالة السويدية للتنمية الدولية بالشراكة مع مؤسسة "من أجل الجميع"، كير و اوكسفام. يهدف البرنامج إلى تعزيز قدرة المجتمعات المتضررة من الأزمات على الصمود من خلال خلق سبل عيش مستدامة والوصول إلى الخدمات الأساسية. ينفذ البرنامج المشترك أنشطة التوظيف الطارئة كثيفة العمالة - أو النقد مقابل العمل - التي تمكن من إعادة تأهيل الأصول المجتمعية. مع تجديد الوصول إلى فرص كسب العيش لليمنيين المتأثرين بالنزاع والنازحين داخليًا والمهمشين، لغرض تحسّين القوة الشرائية وشراء الطعام والضروريات مع المساهمة في انعاش الاقتصاد المحلي.