المرحاض المتواضع: حماية الصحة العامة وتعزيز الأعمال التجارية

19 نوفمبر 2020

مستشفى في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت يكتظ يوميا بالمرضى. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- اليمن / 2020

يعد اليمن من أفقر البلدان في الشرق الأوسط، ومع دخول الحرب عامها السادس، تفاقمت أوجه القصور في الخدمات العامة الحيوية الناجمة عن سنوات من الفقر وانعدام الأمن، ومع استمرار تدهور الأوضاع، يرزح المدنيون تحت وطأة الأزمة.

تشير التقديرات إلى أن حوالي 19.4 مليون يمني يفتقرون إلى مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي، ولسوء الحظ، فقد نجم عن تردي حالة خدمات الرعاية الصحية في البلاد، ظهور حالات وفيات يمكن تفاديها جراء إصابتها بأمراض معدية كالكوليرا، والملاريا، وحمّى الضنك، وفيروس شيكونغونيا، وجائحة "فيروس كورونا" المنتشرة حالياً في جميع أنحاء العالم.

أدت مشكلة نقص الموارد في نظام الرعاية الصحية – بالإضافة إلى مشكلة نقص الوعي بالأمراض ووسائل انتقالها في أوساط العامة – إلى الانتشار السريع والمتزايد للعدوى والأمراض في أنحاء البلاد.

بعض الأماكن العامة التي يلجأ إليها الناس لقضاء حاجتهم بسبب عدم توفر المراحيض. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- اليمن / 2020

يقول " علي حسن"- أحد سكان مديرية دار سعد بمحافظة عدن: "يتبول الناس ويتغوطون في الشوارع"، مضيفا: "الأمر الذي يسبب الأمراض ويزيد من انتشار الأوبئة، ناهيك عن الرائحة الكريهة الناتجة عن تراكم النفايات وانتشار الحشرات".

نتيجة لهذه الممارسة، يشعر حسن بالقلق على صحة عائلته، حيث يقول: "ينتابني شعور بالقلق البالغ عندما يغادر أطفالي المنزل ذاهبين إلى المدرسة، أو عندما يخرجون للعب، لأنهم قد يصادفون بعض هذه الفضلات، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض".

من ناحية أخرى، يترتب على هذه الممارسة مخاطر مالية أيضاً، ووفقاً لـ "أحمد عبد الكريم"- صاحب محل أثاث في المكلا- فإن هذه المشكلة دفعت أصحاب المحلات إلى التفكير بجدية في نقل متاجرهم، حيث يقول أحمد: "إن مثل هذا السلوك غير المتحضر له تأثير ضار، ليس فقط على أصحاب المتاجر، ولكن على المجتمع بأسره"، مستطرداً بالقول: "إنه لأمر محزن أن نرى الناس يتبولون تحت الجسور، أو على الجدران، أو في بعض الشوارع المظلمة بجوار السوق، ولكن هذا السلوك يؤثر أيضاً بشكل سلبي على تجارتنا، لأنه يدفع العملاء بعيداً".

إن انتشار القاذورات والأوساخ، يجعل أصحاب المتاجر قلقين من احتمالية إصابتهم ببعض الأمراض، أو نقلها عن غير قصد إلى عائلاتهم.

مرحاض عام قيد الإنشاء في محافظة إب من بين 14500 مرحاض تجري عملية إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- اليمن / 2020

للمساعدة في معالجة هذه المشكلة، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع البنك الدولي، ببناء ما يقارب من 14500 مرحاض منزلي وعام، في جميع أنحاء اليمن، حيث تم توزيع مجموعات لوازم النظافة الشخصية، بما في ذلك الصابون، والمطهرات، والكلور، وملصقات التوعية بالأمراض المعدية في المجتمعات، وذلك للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا وغيره من الأمراض.

لقد وفرت أعمال البناء فرص عمل مؤقتة لحوالي 160 عاملاً، في حين يُتوقَّع أن يستفيد أكثر من 25000 شخص من المجتمع المحلي، من إمكانيةِ الوصولِ إلى المراحيض العامة.

ويوضِّح السيد "لواحظ أحمد هزاع"- المهندس المدني والمستشار في مشروع المراحيض العامة في دار سعد-: "انتشرت الكوليرا وغيرها من الأمراض في دار سعد بشكل لم يسبق له مثيل، ممَّا أودى بحياة العديد من الأشخاص في منطقة تعاني أيضاً من ندرة المياه"، ويضيف: "إن بناء المراحيض العامة سيقلل من انتشار هذه الأمراض والحد من تأثيرها، وسيستفيدُ منها السكان المحليون – خاصة المهمشين والنازحين الذين يعيشون في مناطق مكتظَّة بالسكان".

لن يركِّز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على بناء المراحيض في الأماكن المزدحمة كالأسواق فحسب، بل إنه سيركز أيضا على الأماكن القريبة من المستشفيات، ويوضح ذلك السيد "ياسر أحمد الشيباني" - مساعد مدير مشروع الأشغال العامة في صنعاء، والشريك المنفذ لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي – حيث يقول: "تستقبل المستشفيات المرضى، مما يزيد من احتمالية انتقال الأمراض، ما لم يتم اتخاذ الإجراءات الوقائيَّة اللازمة، ويساعد وجود المراحيضِ في خلق بيئة أكثر صحة".

بابتسامة تنم عن الرضا، يخبرنا "أحمد عبد الكريم"- صاحب محل أثاث في المكلا- عن مدى سعادته ببناء المراحيض قائلاً: "كنَّا متحمسين للغاية عندما سمعنا أنهم بصدد بناء مراحيض في السوق، حيث سيسهم وجود المراحيض، بالإضافة إلى مواد التعقيم، في حماية الناس من الأمراض، وستكون شوارعنا نظيفة في النهاية، الأمر الذي سيشجع العملاء على القدوم إلى السوق، مما قد يؤدي أيضاً إلى تحسين دخلنا".

الحمامات الجاهزة في أحد المناطق المكتظة في صنعاء | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي\2020

إن بناء 14500 مرحاض في سائر أنحاء اليمن، سيعود بمنافع كبيرة من شأنها تغيير حياة الآلاف، وفي هذا الصدد، يقول "ياسر أحمد الشيباني"- المدير المساعد لمشروع الأشغال العامة الخاص بالعُزَل في صنعاء: "لقد ساهمنا في خلق بيئة نظيفة وصحية، وهذا هو المحصلة النهائية لعملنا".

***

بتمويل ودعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و البنك الدولي ، يعمل الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة، على تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن،   حيث يوفر المشروع الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي، محفزات اقتصادية، عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.