بحثاً عن مكان آمن للعيش

2 يوليو 2019

اّمنة تشارك في برامج النقد مقابل العمل ضمن مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الممول من البنك الدولي

نتج عن الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015م خسائر فادحة، الأمر الذي دفع بالعديد لاتخاذ قرارات؛ إما بالـهروب من منازلـهم ومواجهة مـخاطر النزوح، أو البقاء في منازلهم ومواجهة حالة يكتنفها الغموض، والتي قد تصل إلى حد الـموت.

 وفي ظل تلك الظروف، لاذت آمنة بالفرار من منزلـها في تعز، دون أن تحمل معها أي شيء سوى أطفالـها السبعة.

 "لقد واجهنا الـموت في تلك الليلة
."

 لقد كانوا يعيشون في بير باشا، إحدى مديريات مدينة تعز، التي عانت بعضا من أشد أهوال الحرب ومن الـمناطق الأشد تضررا..

كانت الأسرة تلجأ إلى النوم في بعض الليالي في صالة منزلهم، تـجنبا للإصابة بالرصاص أو القذائف الطائشة.

وفي ليلة من الليالي التي لا تزول من الذاكرة، حدث أن تهاوى سقف دورة مياه منزلهم جراء القصف الكثيف في الـمنطقة.

بعد ذلك بفترة وجيزة، شدت الأسرة رحالها إلى منطقة معبر، حيث أقامت هناك لـمدة ثلاثة أشهر قبل هروبـها إلى مدينة صنعاء، ليتقاسموا مع أقاربـهم في الـمدينة منزلا صغيرا، وغالبا كانت تنشب مشاجرات بين الأطفال للحصول على بطانيات أو مكان للنوم في الليل ليستيقظوا في الصباح بحثا عن الغذاء.

 ماريا، ابنة آمنة، التي تحلم أن تصبح طبيبة تـمد يد العون إلى أبناء وطنها اليمنيين، وأن تساهم في تنمية وتطوير بلدها، تفتقد صديقاتها، وتتحرق شوقا للعودة إلى منزل أسرتـها في تعز.

تتذكر ماريا لحظة مـميزة جدا لـها مع زميلاتـها قبل نزوحها، وتعلق قائلة: "لقد وعدتني زميلاتـي بأن يرسلن لي الصورة، وأتـمنى لو كانت لدي حتى أرى زميلاتـي مـجددا."

 والآن، يقيم أطفال آمنة بصورة دائمة في مدينة صنعاء، وتتراوح أعمارهم بين سن 7 سنوات و19 سنة، ولكنهم يواجهون صعوبة في التـأقلم مع حياتــهم الجديدة، بما في ذلك الالتحاق بالـمدرسة وتجميع الـمستلزمات، التي يتشاركها الأطفال بينهم.

 لـم يستثن تأثير الحرب زوج آمنة، الذي أصبح مع مرور الوقت عدائيا في تعامله معها، الأمر الذي دفع الأسرة إلى ترك منزلـهم، وتـم حبس الزوج، ولكن آمنة تنازلت عن التهم الـموجهة إليه بعد مضي ثلاثة أشهر تعاطفا منها مع حالته النفسية.   

عملت آمنة أياما طويلة كمنظفة لتجنـي الـمال حتى تعتني بأسرتـها..

"في يوم من الأيام، عندما كنت أحمل أحجارا ثقيلة، غبت عن الوعي فجأة وكنت على وشك أن أضرب برأسي على رصيف الشارع.. فقام بعض الناس الطيبين للغاية بـجري من الشارع، وأحضروا لـي كعكا وعصيرا لأستعيد وعيي.. وبعد ذلك عدت للعمل مباشرة."
 

لـم يعد غالبية اليمنـيـين يتقاضون مرتباتـهم الشهرية أو الـمعونات النقدية.. 

ومنذ وصول أسرة آمنة إلى مدينة صنعاء، لـم تتقاض أية مساعدات اجتماعية، على الرغم من جهود آمنة في التقديم للحصول على رعاية من الجمعيات الخيرية.

 "لـم أستطع أن أحصل على الـمساعدات الـمقدمة من الـمنظمات الإنسانية للنازحين داخليا، لأنهم يعتقدون بأنني من ساكني مدينة صنعاء، وطلبوا مني العودة إلى مدينة تعز للحصول على بطاقة، وهو ما يعد مستحيلا بالنسبة لي، نظرا للوضع القائم في تعز."

وفي محاولة يائسة من آمنة، قامت ببيع آخر قطعة ذهب تـمتلكها لتشتري بضاعة تقوم ببيعها في الشارع لتجنـي الـمال حتى يتسنى لها دفع الإيـجار. "أشعر بالقلق على بناتـي، حيث أنني لا أريد لـهن أن ينمن في حوانيت أو في الشوارع."

 الأمن الغذائي منعدم، ولكم تتوق الأسرة لتلك الأيام التي عاشتها في مدينة تعز، حيث كان باستطاعتهم شراء ما يريدون، وها هي آمنة أصبحت بارعة في الترشيد.. وتوضح ذلك بقولها: "أقسم علبة الفاصوليا الواحدة على ثلاث وجبات، وأضيف الكثير من الـماء حتى يتسنى لنا جميعا أن نأكل.. وأنا لـم آكل منذ مساء البارحة، ولكن لدي علبة عصير حصلت عليها من إحدى زميلاتـي في مشروع النقد مقابل العمل."

 مشروع النقد مقابل العمل..

تـحسن وضع آمنة تـحسنا ملحوظا منذ التحقت بـمشروع النقد مقابل العمل الذي ينفذه الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD) بالشراكة مع برنامج الأمم الـمتحدة الإنـمائي.. ومن خلال العمل الشاق، تعتقد آمنة أن القدرة على العمل مع الـمشروع تعد فرصة للانعتاق من الجوع والعطش اللذين اعتادت هي وأطفالـها عليهما.ونظرا لتفانـي آمنة والتزامها بالعمل، استطاعت توفير الغذاء والـمستلزمات التعليمية والأثاث لـمنزل أسرتـها.

 من خلال برنامج الأمم الـمتحدة الإنـمائي وشركائنا، تؤدي إعادة تأهيل النقد مقابل العمل والبنية التحتية الـمجتمعية الصغيرة إلى تحسين دخل وسبل عيش اليمنيـيـن الـمستضعفين، وخاصة النساء والشباب، وهذا جزء من مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) الذي يدعمه البنك الدولـي، والذي يهدف إلى التخفيف من آثار الأزمة اليمنية على الأسر والـمجتمعات الـمحلـيـة، والـمساعدة في تعافيهم من أسفل إلى أعلى من خلال العمالة قصيرة الأجل وإنعاش الـمجتمع الـمحلي والقطاع الخاص واستعادة تقديم الخدمات الرئيسية من خلال البنية التحتية الصغيرة. 

344,550 شخصًا (28٪ إناث) يحصُلُوْنَ على عَمَلٍ مُدِرٍّ للدَّخْل يساعِدْهُمْ على تغطِيةِ احتياجاهم الأساسِية.

تقول آمنة: "لو لـم يـمنحني الصندوق الاجتماعي للتنمية فرصة للعمل في هذا الـمشروع، لكنت أعاني أنا وأسرتـي من سوء التغذية الحاد."

 الآن، وهي عالقة بين ذكريات الـماضي، وحقيقة وضعهم الحالي والأمل في غد أفضل، تواصل منة وأطفالـها، واثقين من أن خبرتـها الـمكتسبة في مشروع برنامج النقد مقابل العمل التابع لبرنامج الأمم الـمتحدة الإنـمائي، والصندوق الاجتماعي للتنمية سيساعدهم في التغلب على معاناتـهم حتى تنتهي الحرب في النهاية.

***

بتمويل ودعم من البنك الدولي ، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة (PWP). يوفر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 300 مليون دولار أمريكي حوافز اقتصادية في شكل مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة ، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية ، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة في جميع أنحاء اليمن.

لمشاهدة قصة اّمنه