لمياء، طالبة وامرأة عاملة

7 مارس 2021

Lamia, choose to challenge | Photo Credit: UNDPYemen/2021

التحديات تبرز أفضل ما فينا ، وتدفعنا إلى الحد الأقصى حتى نعرف ما نحن قادرون. بمجرد أن نحدد قوتنا ، تبدأ رحلة الإنجاز.

"لقد جئت من عائلة صغيرة. ليس لدي اخوة؛ ليس لدي سوى أخت واحدة أصغر مني بعامين. نحن نعيش مع أمنا العازبة وعم أمنا ".

في ٢٠١٣ – ٢٠١٤م، حصلت على منحة دراسية مدفوعة الأجر بالكامل إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال برنامج التبادل الثقافي لإتمام السنة الأولى من المرحلة الثانوية. كنت واحدة من قلة من الذين كانوا محظوظين لتجربة العيش مع عائلة أمريكية، والذهاب إلى مدرسة ثانوية أمريكية، والاحتكاك بالكثير من الناس من الجانب الآخر من العالم.

خلال هذا العام، قمت بحوالي ١٠٠ ساعة من الخدمة التطوعية، ولتكريمي قامت وزارة الخارجية الأمريكية بترتيب رحلة مدفوعة التكاليف لمدينة نيويورك. أتممت دراستي الثانوية هنا في اليمن، وبعد إتمامها حاولت التقديم للحصول على منحة لدراسة البكالوريوس في الخارج، ولكن لم يحالفني الحظ.    

بدأت بالعمل لأنني كنت بحاجة إلى دعم عائلتي مادياً. توقفت عن الدراسة الجامعية لمدة ثلاث سنوات وقررت تقريباً عدم الاستمرار. كان من الصعب جداً تغطية نفقات الكلية، ولكني لم أستطع التوقف عن الدراسة والتحقت بالجامعة من جديد. أنا حالياً في السنة الثالثة بتخصص بكالوريوس إدارة الأعمال. أنا أعمل بدوام كامل وأدرس في نفس الوقت".

ما هي التحديات التي تواجهينها؟

كل عام أواجه تحديات جديدة ومختلفة. لكن في عام ٢٠٢٠م، كانت التحديات كبيرة وذات دروس قيّمة. الدرس الأول هو كيفية تطوير ذاتي بطريقة تفيدني مهنياً. والدرس الثاني هو كيف أحافظ على عزيمتي رغم الأوضاع التي تعيشها اليمن والعالم.  الثالث هو تعلم كيفية الموازنة وإدارة وقتي بين العمل والدراسة.

وكانت هذه التحديات على رأس أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المرأة اليمنية وهي تحرير عقولنا من الأفكار السلبية والضغوط المجتمعية. على سبيل المثال، يقال لك أنه "لا توجد فائدة من العمل أو التنمية الذاتية لأنه كامرأة، ما هو اقصى مدى يمكنكِ الوصول؟"

كان كوفيد-١٩ تحدٍ كبير بشكل خاص، كنت قلقة في البداية، وكانت فكرة أن ينتهي العالم حقاً تشعرني بالخوف. كان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو أن الحافظ على توازني وان أفكر بشكل سليم. فكرت باستمرار 'كيف يمكننا تجاوز هذا الوباء؟' وأنه 'ماذا سيحصل إذا بقيت في المنزل وخسرت وظيفتي؟'.

وكان هذا أمراً وارد – وكان مقلقاً حقاً – لأنني الفرد العامل الوحيد في عائلتي؛ أنا من يدعمهم مالياً. فكرت باستمرار في كيفية توفير جميع الضروريات الأساسية إذا ما اضطررنا للبقاء في المنزل. كان التحدي الأكبر الذي واجهني هو البقاء مستقرة وهادئة ذهنياً وعاطفياً والتفكير في حل.

كيف تغلبتِ على التحدي؟ 

في كل مرحلة من حياتي، واجهت عقبات وتحديات كوني امرأة. في رأيي، هناك سببان رئيسيان وراء ذلك.

أولاً، الناس لديهم ميل إلى التقليل من مهارات المرأة. ثانياً، كانت عائلتي تخاف عليّ بشدة. ومع ذلك، أصبحت هذه التحديات أسهل مع مرور السنوات - خاصة كوني أعمل منذ سن ١٧.

منذ بدأت في وظيفتي الأولى، كانت معظم التحديات التي واجهتها مع عائلتي. أغلب ما تركزت حوله هذه المشاكل هو موقع عملي، المسافة الطويلة من المنزل الى مقر العمل، ساعات العمل الطويلة، والمكالمات الهاتفية بعد ساعات العمل. كنت أعرف أن هذه المخاوف كانت تأتي من حبهم واهتمامهم بي، فلذلك كنت بحاجة إلى أن أكون مراعية جداً لمخاوفهم هذه لكل نتغلب على هذا التحدي. كان عليّ التفكير مثل عائلتي – وضع نفسي في موضعهم ومساعدتهم على الشعور بالأمان حول عملي. كان عليّ أن أريهم أنني ناضجة وأنهم يستطيعون الاعتماد عليّ.

في البداية كانت تصلني تعليقات سلبية عن عملي – حتى بعض التعليقات من عائلتي – وهو أمر محبط. ولكن مع مرور الوقت تغير هذا الأمر. أحب أن الاعتقاد بأن الحل كان في عدم الاستسلام. كنت مصممة على تغيير رأيهم من خلال الإنجازات التي كنت متأكدة من أنني أحققها. لم أجادلهم حول آرائهم - لقد عملت بجد فقط وواصلت تطوير مهاراتي. لدي أيضاً زملاء رائعون كانوا يقدمون لي المشورة والتدريب، وكنا نعمل جنباً الى جنب لكي تنمو مهاراتي الوظيفية.

أنا ممتنة جدًا للأشخاص والأصدقاء الذين وضعهم الله في طريقي ، وخاصة أصحاب العقول العظيمة الذين قدموا لي كل دعمهم وآمنوا بقدراتي.

كنساء يمنيات ، فإن الضغط الذي نتعرض له من البيئة المحيطة بنا يمكن أن يكون في بعض الأحيان أصعب شيء. فكرة سلبية واحدة لا تؤثر علينا - نحن أقوياء - ولكن عندما يكون هناك الكثير، يجب أن نكون حذرين فيما يتعلق بما نسمح لأنفسنا باستيعابه.

أتذكر أنني سمعت عدة مرات: "ما الهدف من كل هذا الجهد؟ سوف ينتهي بك الأمر بالزواج والعمل في المطبخ في أي وقت من الأوقات ". الشيء المضحك هو أنني سمعت هذا مرات قليلة فقط من الرجال ومرات لا تحصى من النساء. أعتقد أن الطريقة الوحيدة للتغلب على هذه السلبية هي التمسك بما تؤمن به بغض النظر عما يقال لك.

شعوري بأنني أبني نفسي ومستقبلي واستمراري بالتعلم يوماً بعد يوم هو ما يبقي حماسي متقداً. رغبتي في أن أكون مفيدة لبلدي دفعني دائماً إلى الاستمرار وعدم التوقف أبداً. اليمن بحاجة إلى طاقة شبابها لتنمو وتزدهر - الآن أكثر من أي وقت مضى.

أنا ممتنة جداً لجميع التحديات التي واجهتها عام ٢٠٢٠م. لقد ساعدتني هذه التحديات بطريقة أو بأخرى على بناء شخصية أكثر نضجاً، وقادرة على تجاوز العقبات. مهنياً، فقد ساعدني ذلك بشكل أفضل في اتخاذ القرارات، العمل تحت الضغط، وتنمية مهاراتي.

ما هو أملك؟

على مر التاريخ، واجهت النساء في كل العالم أشكالاً مختلفة من التحديات مثل عدم أحقيتهن في التصويت أو مكانة أقل من مكانة الرجل في المجتمع، مما أدى بهن الى التخلي عن أهدافهن وقبول واقعهن كما هو. ولكن مع زيادة وعيهن بحقوقهن قمن بمجابهة الواقع والنضال لكي يكنّ جزء فعال ومكافئ للرجل في المجتمع.

ما أريده للمرأة اليمنية هو أن يكون لديها هذا الوعي والرغبة في عيش حياتها بالشكل الذي يجب، السعي إلى التعليم تحت أي ظرف، وأن تكون جزءاً فعالاً من المجتمع - كقائدة، وليس فقط كأم للأطفال أو ربة منزل.

آمل أن تتمكن الفتيات من عيش طفولتهن، إتمام تعليمهن، وبناء طريقهن نحو أحلامهن.

أريد أن أنقل هذه الكلمات إلى جميع شباب اليمن - نساءً ورجالاً على حدٍ سواء. أنه ليس من السهل تحقيق أحلامنا مع الصراع الذي تعيشه بلادنا، ليس من السهل التمسك بالتعليم والبحث عن المعرفة، ليس من السهل إحداث التغيير في حياتنا، ليس من السهل أن نبقى متحمسين، ولكن ليس من المستحيل الوصول إلى ما نريد، ليس من المستحيل أن نكون مفيدين لمجتمعنا، وأنه ليس من المستحيل أن نخلق المستقبل الذي كنا نتمنى.

التحديات موجودة في كل مكان في العالم. معظم الناس كانت فرصهم أقل ولكنهم أصبحوا قادة عظماء. المكان، الأشخاص، والظروف لا يمكن أن تحد إمكانياتنا. إن البحث عن المعرفة وزيادة الوعي هما مفتاح كل ما هو عظيم في الحياة.