مريم: إصرار لتحقيق حلمها رغم الصعاب

كيف تمكنت امرأة بمفردها أن تنال درجة علمية وتفتتح أول عيادة لطب الأسنان في مجتمعها في ظل الحرب في اليمن.

27 نوفمبر 2019

 

تفسر مريم ذلك بقولها: "لقد حفزني النضال على أن أصبح أول طبيبة أسنان تفتتح عيادة في زنجبار- اليمن."

قد يبدو حلم مريم صالح البالغة من العمر 27 عاماً بأن تصبح طبيبة أسنان أمراً عادياً، لكن إرادتها وتصميمها على مواصلة تعليمها وتدريبها أثناء الحرب في اليمن كانا غير عاديين.

حين أوشكت نهاية الفصل الدراسي الأول في كلية طب الأسنان في عام ٢٠١١م، عادت مريم إلى منزلها لزيارة عائلتها في مسقط رأسها في الريف. وفي الوقت نفسه، سيطرت عناصر مسلحة من تنظيم القاعدة على عدد من المدن في المنطقة، مما أجبر عائلتها على الفرار. كما عانت عائلة مريم من موجة النزوح الثانية في عام ٢٠١٥م خلال الفصل الدراسي الأخير في كلية طب الأسنان.

تقول مريم: "لم أتمكن من إنهاء الفصل الدراسي الأخير. كاد حلمي في إكمال دراستي بنجاح أن يضيع بسبب الحرب. "

لا تعد هذه القصة فريدة من نوعها في بلد دمرته حرب وصراع مستمر لأكثر من 8 سنوات. ما أثقل العبء على كاهل الشعب اليمني هو حالة التدهور الاقتصادي المتفشية والتراجع المستمر في قيمة العملة اليمنية وكذا في إجمالي الناتج المحلي إضافة إلى الحظر المستمر على منتجات الوقود وعدم دفع تعويضات للعمال مقابل الوظائف التي يؤدونها. الأمر الذي جعل العديد منهم غير قادرين على دفع تكاليف سكنهم أو نقل أحد أفراد أسرهم إلى المستشفى في الحالات الطارئة، ناهيك عن دفع تكاليف التعليم.

وقد أدت الأزمة المتفاقمة إلى انهيار وشيك في قطاعات رئيسية خصوصاً في قطاع الرعاية الصحية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن ٥١٪ فقط من المرافق الصحية في اليمن لا تزال تعمل وتقدم الخدمات، في حين أن ١٩.٧ مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الصحية.

تمكنت مريم من إكمال دراستها وتتخرج من خلال العمل الجاد والمرونة والتصميم. وعلى مدى العامين التاليين، لم يكن أمامها خيار سوى العمل مجاناً في مستشفى عام في مدينة جعار في أبين. لكن في الأخير حصلت على وظيفة في عيادة خاصة افتتحها طبيب أسنان آخر وتقاسموا كل ما حققوه من أرباح.

بمساعدة مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وينفذه وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كانت مريم واحدة من بين ۳۳٦ امرأة تم دعمهن لإدارة أعمال تجارية خاصه بهن في القطاع الصحي.

ويهدف هذا المشروع إلى إيجاد فرص حياة وعمل للفئات الأكثر عرضة للمخاطر (بما في ذلك الشباب والنساء وأولئك الذين أُجبروا على ترك منازلهم)، لإعادة بناء المجتمعات المحلية. بهذه الطريقة، يساعد البرنامج في جعل الأسر أكثر قوة وقدرة على التأقلم مع الأوضاع بحيث تتمكن من المساهمة وتقديم المساعدة في أوساط مجتمعاتها المحلية.

وقد أصبحت مريم الآن صاحبة أول عيادة لطب الأسنان في مدينة زنجبار في محافظة أبين، اليمن.

تصف مريم كيف منحها البرنامج "حياة جديدة" بعد أن أصبحت يائسة وكادت أن تتخلى عن حلمها بأن تصبح طبيبة أسنان وتقتنع بالبقاء في المنزل. فمن خلال التمويل الذي تلقته، اشترت مريم المعدات الطبية الأساسية لفتح عيادتها الخاصة، بما في ذلك كرسي طب الأسنان، ومعدات التشغيل، ونظام كهربائي يعمل بالألواح الشمسية والبطاريات، وجهاز تعقيم، وجهاز حشو الأسنان.

وفي الشهر الذي افتتحت فيه عيادتها، لاحظت مريم إقبالاً كبيراً من الناس القادمين من المدينة ومن القرى المجاورة، وتخطط الآن لزيادة ساعات عملها وتعبر عن ذلك بقولها: "إن همي الرئيسي الآن هو خدمة الناس بغض النظر عن الأرباح. وتقدم عيادتي خدمات اقتلاع وحشو وتلبيس وتنظيف الأسنان لجميع المرضى بناءً على احتياجاتهم وظروفهم. "

من خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، أصبح بإمكان حوالي ٥,٣٩٠ يمني الحصول على خدمات صحية خاصة محسنة.

***

بين سبتمبر 2016 ومارس 2019، عقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD) و وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر (SMEPS)  لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن بتمويل ودعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (11,200,000 دولار أمريكي). بفضل هذه المساعدات، خلق المشروع  فرص عمل، واستعادة تقديم الخدمات الصحية والتعليمية الرئيسية ، وأنعشت القطاع الزراعي لصالح الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.