محاربة الخوف: إزالة الألغام من المجتمعات الريفية في اليمن

4 أبريل 2021

يمكن للأطفال الآن اللعب بأمان في مجتمعاتهم ، وذلك بفضل إزالة مخاطر المتفجرات. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

يصف علي ذو السبعين عاماً الوضع قائلاً " كانت الألغام داخل المنازل، وخلف الجدران، وداخل الحمامات، في كل مكان".

بالنسبة للعديد من اليمنيين، فإن آثار الحرب ملموسة وقاتلة أيضاً. تضرر علي، وهو مزارع وأبٌ لخمسة أطفال، بمخلفات الحرب من المتفجرات في قريته، حيث فقد مصدر دخله الحيوي وتحمل معاناة الخوف والقلق في كل مرة يغادر فيها منزله.

يقول علي "ذات مرة، ذهبت في سيارتي لجلب الحطب مع ابني، وبعد أن نقلنا بالفعل شحنتين، انفجر لغم بينما كنا نمر بجانبه. كنا نمر بجانب الألغام دون أن نعرف. انفجر اللغم وضرب إطارات السيارة، ولكن لحسن الحظ لم يتأذ أحد. بعد تلك الحادثة أصابنا الذعر ولم نعد قادرين على الذهاب لجمع الحطب."

يتفقد علي ماشيته. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

سبق أن نزح علي وعائلته من منطقتهم بسبب الحرب الدائرة ولحسن الحظ، تمكنوا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر فقط من العودة، لكن ما وجده علي وجيرانه كان مخيفًا. منازل ومزارع وشوارع مليئة بالألغام.

"أملك أرضاً زراعية، ولكن الألغام تسببت بعدم قدرتي على الوصول إليها. الآن أصبحت الارض مثل الغابة المهملة. لم نتمكن من الوصول إليها بالسيارة بسبب خوفنا من أن تنفجر الألغام بالسيارة. لدي أيضًا بعض الأغنام التي أضطر لبيعها أحيانًا لتلبية احتياجات عائلتي. ذات مرة كنت في الوادي وانفجر أحد الألغام فقتل أحد عشر رأسًا منها. لم نتمكن من الخروج لمساعدتها، لقد كانت عشرات الأغنام تحتضر."

يضيف علي قائلاً ومتذكراً لعدد المرات التي قضت فيها الألغام على مصدر رزقه: "في مرة أخرى، كان ابن عمي مع أغنامه يسيرون في إحدى قنوات تصريف مياه السيول لينفجر أحد الألغام ويقتل عشرة رؤوس من الأغنام في الحال".

تكافح مجتمعات مثل التي يعيش فيها علي للتعافي من معاناة الحرب. التهديد المستمر بالخطر يجعل إعادة بناء حياتهم وازدهارها شبه مستحيل.

علي وابنه الأكبر عبد الله الذي يعمل مديرا لمدرسة ويساعد والده في زراعة أرضهم. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

يتجول علي في مزرعته ويفحص ماشيته دون خوف من الألغام. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام (YEMAC) معًا لاستعادة الأمان في المجتمعات الريفية مثل القرية التي يسكنها علي.

الهدف الرئيس لمشروع مكافحة الألغام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو بناء قدرات شريكه الوطني في إزالة الألغام حتى يتمكنا من حماية المجتمعات اليمنية بشكل أفضل. ويتم ذلك من خلال التدريب الفني والدعم الإداري والتشغيلي وتوفير المعدات التي تمكن من مسح الذخائر المتفجرة وإزالتها. بالإضافة إلى ذلك، يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وعدد من المنظمات الدولية غير الحكومية البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام من أجل زيادة وعي المجتمع لضمان فهم الناس لتهديدات الألغام وكيفية التعرف عليها وتجنبها، و طرق الإبلاغ عنها.

من المتوقع أن تعمل أنشطة المشروع هذه على الحد من مخاطر الكوارث وتهيئة المجتمعات للتعامل مع وجود المتفجرات وآثارها السلبية.

في عام 2020، ساهم دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للشركاء المحليين في مسح وإزالة الألغام في ما يزيد عن 3.1 مليون متر مربع من الأراضي الملوث على طول 199 منطقة في 17 محافظة - مما أدى إلى إزالة خطر أكثر من 64000 قطعة قابلة للانفجار.

يقول علي، ممتنًا للجهود التي يبذلها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه المحليون، "أستعدنا أمننا إلى حد كبير - لم يعد هناك ألغام في منازلنا. لكننا نجد ألغامًا خارج القرية أحيانًا، فبعضها ينفجر من تلقاء نفسه في بعض الأوقات. فمع حرارة الظهيرة، ترى أحيانًا الدخان يتصاعد وعندما نقترب تجد أنه لغم انفجر من تلقاء نفسه".

يتذكر علي  قائلاً "ذات مرة، أنفجر لغمان تلقائيا و جاء مختصو البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام وفحصوا المنطقة ووجدوا الكثير من الألغام فيها. لقد طلبوا منّا الإبلاغ عن الألغام على الفور عندما نجدها. لقد كان هذا الجبل مليئًا بالألغام.  لقد أبلغنا البرنامج أكثر من مرة والآن نحن أكثر حرصًا."

يتابع علي بثقة "لقد جعلونا أكثر وعياً وأخبرونا أنه إذا وجدنا آثاراً للألغام، فلا ينبغي لنا الاقتراب منها على الإطلاق، لأنك أحياناً تجد ألغاماً غير مدفونة بالكامل ... نصفها فقط مرئي. تعلمت كل هذا من جلسات التوعية المجتمعية. الآن أعرف كيف يبدو اللغم وأنواع الألغام الموجودة".

يستمتع أطفال علي الآن بعد أن تمت إزالة الألغام من حول منزلهم. | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

نفذ البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام العديد من الأنشطة في قرية علي، لزيادة الوعي وتحسين المعرفة المحلية وتطهير مناطق كبيرة من الذخائر المتفجرة التي ستؤدي إلى إنقاذ الأرواح.

يختتم علي حديثه قائلاً: "لم نكن قادرين على النوم حتى بدأ المختصون بإزالة الألغام. الآن يمكننا رعي مواشينا، ويمكننا الذهاب للاحتطاب، وكذلك جلب الماء من البئر. يستطيع الناس التنقل في كل الأماكن. في السابق، كنا نخشى حتى من التنقل من مكان الى آخر ، خاصة عندما يرافقنا أطفالنا".

***

تم الانتهاء من هذه الأنشطة ضمن مشروع مكافحة الألغام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن. يهدف المشروع إلى استخدام تدابير الوقاية والاستجابة بما في ذلك التوعية بالمخاطر ومساعدة الضحايا والتخلص من الذخائر المتفجرة وعمليات التطهير للمساعدة في ضمان أمن اليمن للجميع. كما أنه يساعد على تحسين المهارات والقدرات داخل اللجنة الوطنية لمكافحة الألغام (NMAC) ، والبرنامج الوطني للتعانل مع الألغام (YEMAC) ، والمركز اليمني لتنسيق الأعمال المتعلقة بالألغام (YMACC) ، حتى يتمكنوا من حماية الناس والمجتمعات بشكل أفضل.