مشاريع الأمن الغذائي للحد من خطر المجاعة في اليمن

30 يونيو 2020

في بلد كاليمن، تسببت أكثر من خمس سنوات من الحرب في تفاقم أزمات متعددة للسكان الذين يعانون أصلاً من انعدام الأمن الغذائي- فإن تأخر موسم الأمطار يعني أن على الأسر أن تختار بين توفير لقمة العيش والماء، كما تعني الدفاعات الهشة ضد الفيضانات خراب أراضي المزارعين حيث تتركها غير صالحة للزراعة لعقد من الزمن، بينما تعني الطريق الشديدة الإنحدار والغير معبدة أن على المرأة الحامل أن تخاطر بحياتها لتصل إلى أقرب مركز صحي.

بالرغم من ذلك، تساعد مشاريع الاستجابة للمجاعة الممولة من تبرعات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (KSRelief) لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إنقاذ الأرواح وإعادة الأمل في المجتمعات المتضررة بشدة نتيجة لانهيار الخدمات الأساسية وعجز الإنتاج الغذائي عن تغطية الاحتياجات.

صبي يجلب الماء على ظهر حماره. الخزان الجديد في منطقة الأزارق مديرية دمت، محافظة الضالع، آمن وسهل على الجميع الوصول إليه. أُنجز هذا المشروع بتمويل ودعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. | مصدر الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – اليمن.

تستهدف مشاريع برنامج الإستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) المدعومة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (KSRelief) ثلاثة عوامل رئيسية تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد وهي: الافتقار الى الدخل وعدم كفاية الإنتاج الغذائي والفجوات الناتجة عن انقطاع الخدمات الحيوية. ويمكن استهداف العديد من هذة العوامل في آن واحد من خلال توظيف عمال من المجتمعات المحلية، وبذلك لا تحصل المجتمعات المحلية على خزان جديد أو طريق أكثر أماناً فحسب، لكنهم أيضاً يتقاضون أجراً مقابل عملهم في تحسين خدماتهم المحلية الحيوية.

يقوم العمال بإنزال حمولة الأحجار التي ستستخدم في مشروع رصف الطريق لتسهيل مرور الناس والحيوانات والسيارات في مديرية جحاف بمحافظة الضالع. تم تمويل هذا المشروع من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. | مصدر الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن.

فعلى سبيل المثال، استفاد ما يقرب من 6500 يمني بشكل مباشر في الفترة ما بين سبتمبر 2019 ومايو 2020 من خلال العمل في الأشغال العامة قصيرة الأجل ومدفوعة الأجر في 63 مشروعاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي شملت حماية الأراضي الزراعية وإصلاح الطرق، وحصاد المياه وإمداداتها. وفي الوقت ذاته، أسهمت المنح والدعم التقني المقدمين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه المحليين، بمن فيهم مشروع الأشغال العامة، في توليد  نحو 7500 فرصة عمل جديدة.

قبل بناء خزان جديد لمياه الشرب للمواطنين في منطقة جبل المعفاري في مديرية دمت، كانت الأمراض كالملاريا والبلهارسيا شائعة بين الأطفال حيث كان السكان يضطرون إلى الشرب من مصادر المياه الراكدة البعيدة عن منازلهم. وقد ترتب على شحة المياة آثار أخرى أيضاً، فكما يوضح عبد اللطيف عُبيد، وهو أب لسبعة أطفال يبلغ من العمر 41 عاماً، أن عمل جلب المياه يقع على عاتق نساء القرى اللواتي كُنٔ في السابق يقضين حوالي نصف اليوم للقيام بذلك. ويضيف قائلاً: "تؤدي شحة المياة كذلك الى تسرب الفتيات من المدرسة للمساعدة في جلب المياه."

إن أسعار المياه باهضة جداً وغير ثابتة. يقول عبداللطيف: "يتم إنفاق حوالي نصف دخلنا الشهري على دفع تكاليف المياه التي وترتفع الأسعار أكثر إذا تأخر موسم الأمطار."

خزان المياه الجديد في جبل المفارج، الأزارق، محافظة الضالع. تم تمويل هذا المشروع من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.| مصدر الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن.

كما يُعدُ الإنتاج المحلي للغذاء عاملاً أساسياً في مكافحة المجاعة في بلد يواجه نقصاً حاداً في الأغذية ويعاني فيه نصف الأطفال من سوء التغذية المزمن. وقد أتاح أحد المشاريع التي تستهدف الزراعة في الضالع الفرصة للسكان المحليون لاستعادة الأراضي الزراعية التي دمرتها الفيضانات الموسمية.

يوضح ذلك المزارع مسعد مصلح من قرية الخمة في منطقة وادي بنا بقوله: " لقد دمر الفيضان سور مزرعتي في عام 2010، وجرف نصف التربة الزراعية فيها ولم أتمكن من زراعتها منذ ذلك الحين."

إلا أنه يشير الى أن مصدات الفيضانات الجديدة "يمكنها أن تصمد أمام التدفق القوي للمياه بسبب الثقوب الموجودة فيها". وقد بدأ مسعد بوضع البذور في أرضه مع حلول موسم الأمطار في مايو، وسوف يزرع الطماطم والبطاطس أو الحبوب مثل الذرة الشامية والذرة الرفيعة. وقال " الآن سوف نستفيد من هذه المحاصيل فضلاً عن امكانية استخدامها كعلف للماشية".

حاجز الجابيونات في مديرية دمت، محافظة الضالع. تم تمويل هذا المشروع من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.| مصدر الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن.

وفي مديرية جحاف في الضالع، تم تعبيد طريق شديد الانحدار وخطير يستخدمه نحو 5000  شخص، وذلك بفضل عمل مشروع الإستجابة الطارئة للأزمة في اليمن الممول من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وقد أودى هذا الطريق- الذي غالباً مايكون غيرسالك خلال موسم الأمطار- بحياة الكثيرين الذين اضطروا  للمخاطرة والعبور فيه. وحتى في موسم الجفاف، شكلت وعورة وخطورة الطريق زيادة في تكاليف توصيل الأغذية والمياه.

"إن الطريق الجديد أعاد لنا الأمل" يقولها محمد القحطاني، أب لعشرة أطفال من قرية الشيما، وهي واحدة من أربع قرى يستخدم سكانها هذا الطريق للوصول إلى المدارس والمرافق الصحية واماكن العمل، مشيراً الى أنه " بالرغم من أن الأكثر تضرراً من وعورة الطريق هم النساء الحوامل وكبار السن الذين يضطرون للسفر إلى المرفق الصحي، إلا أن مشقة الطريق تشكل عبئاً على الجميع".

مشروع رصف الطريق في مديرية جحاف، محافظة الضالع. | مصدر الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن.

على غرار المشاريع التي تهدف الى ضمان توفير مياه الشرب النظيفة والمأمونة أو لتحسين الممارسات الزراعية، فقد جلب مشروع تعبيد الطرق فرص العمل إلى أهالي المنطقة  فضلاً عن تحقيق هدفه الأساسي. ووفقاً لعلي محمد صالح، مستشار مشروع الطريق: "يشكل السكان المحليون كامل قوتنا العاملة، فغالبية العمال من قرى المداد والشيما والعبل، لكن يعمل لدينا أيضاً خمسة من النازحين داخلياً وعشرة من العائدين".

وتعد محافظة الضالع مثالاً واحداً على الأعمال الأساسية التي تنقذ الأرواح في جميع أنحاء اليمن. ففي الفترة بين سبتمبر 2019 ومايو 2020، نفذ برنامج الإستجابة الطارئة للأزمة في اليمن "YECRP" بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 20 مشروعاً لحماية الأراضي الزراعية، و 19 مشروعاً لإعادة تأهيل الطرق، و 13 مشروعاً لتجميع/حصاد المياه، و 11 مشروعاً لإمداد المياه. وقد بلغ اجمالي عدد المستفيدين من هذه المشاريع أكثر من 231 ألف من أفراد المجتمع المحلي، فضلاً عن توفير فرص عمل للعمال المحليين وتغيير حياتهم على المدى البعيد.