مشروع الأشغال العامة في اليمن: توفير خدمات أساسية وخلق فرص عمل

2 يونيو 2020

مدرسة تم تأهيلها في صنعاء من قبل مشروع الأشغال العامة في إطار مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن بالشراكة مع البنك الدولي.

“يشعر المرء بنبض الحياة عندما يكون لديه عمل، وهو الأمر الذي يوفره لنا مشروع الأشغال العامة. والعمل الذي أقوم به يخفف من المعاناة في اليمن ومكافحة وباء الكوليرا من خلال المحافظة على نظافة الطرق وسلامتها." عبد الإله الوادعي - مقاول يمني

لقد ترك الصراع الدائر في اليمن - لمدة خمس سنوات - أكثر من  24 مليون نسمة  (80 % من السكان) في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والإنمائية. انهارت المؤسسات العامة التي توفر المياه والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية؛ ما جعل اليمن أكثر عرضة على وجه الخصوص لجائحة كوفيد -19.

واعتباراً من 30 مايو، هناك 283 حالة مؤكدة مصابة بفيروس كوفيد -19؛ في حين أن نصف المستشفيات والمستوصفات دمرت (أو أغلقت) طوال فترة الحرب. وذكرت وكالة اسوشيتد برس في وقت سابق من هذا الشهر إن 18% من الـ 333 مديرية في اليمن لا يوجد لديها حتى طبيب واحد، وانخفض الناتج الاقتصادي اليمني على نطاق أوسع  إلى 90 مليار دولار أمريكي، وفقد أكثر من 600,000 شخص وظائفهم .

 لم يكن الحال على هذا النحو دائما.

منذ مايقرب من 20 عاماً، تم إنشاء مشروع الأشغال العامة بهدف تحسين نظام الرعاية الصحية في اليمن والطرق ومرافق الصرف الصحي والمياه، وتوظيف عدد كبير من اليمنيين في الوقت ذاته. وعندما توقفت أموال التبرعات في العام 2015 بعد اندلاع الحرب، تم إيقاف برامج المشروع وتسريح غالبية الموظفين، وهو الأمر الذي دفع بمشروع الأشغال العامة إلى تعليق عملياته إلى أجل غير مسمى، على الرغم من النجاحات طويلة الأمد والقيمة الكبيرة التي أضافها المشروع للمجتمع المحلي وثقة ودعم الجهات المانحة للمشروع.

ويوضح المقاول ناصر جسار في معرض وصفه للخسائر الشخصية التي خلفتها الحرب الدائرة على نوعية حياته وسبل كسب عيشه، حيث يقول: "اعتدت على العمل على ثلاثة أو أربعة مشاريع في وقت واحد قبل اندلاع الحرب، ولكن منذ بداية الحرب، فأنا بالكاد أعمل على مشروع واحد أو أثنين على مدار العام. فلقد أوقف الصراع أعمالنا واضطررنا لبيع معداتنا لتغطية نفقاتنا."، "لقد عانيت من تدهور صحتي النفسية بشكل كبير خلال فترة الحرب، وذلك نظرا للألم البالغ الذي يمر به المرء عندما يعود إلى منزله بدون أن يحمل في يديه شيئاً ليقدمه لأطفاله."

قوة الشراكة

كان وما يزال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن يعمل على الآثار التي الحقتها الحرب على الأسر والمجتمعات المحلية منذ 2016. من خلال مساعدتهم على التعافي باستخدام النظم والقدرات والمؤسسات المحلية، يتمكن المواطنون من استعادة وتوسيع تقديم الخدمات الأساسية. وهو الأمر الذي يسمح للأسر والمجتمعات المحلية بالتعامل بشكل أفضل مع الدمار وبناء قدرتهم على الصمود من أجل جهود التعافي الأوسع. وبوصفه عنصرا أساسيا في هذه الاستراتيجية، استأنف مشروع الأشغال العامة العديد من عملياته وبرامجه التنموية في جميع أرجاء اليمن في العام 2016 من خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، القائم على الشراكة بين البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

بالإضافة إلى النجاح في خلق أصول مجتمعية وتحسين البنية التحتية للمجتمع المحلي، قدم مشروع الأشغال العامة أيضاً فرص عمل قصيرة الأجل للعمالة، ونفذ مشاريع بنية تحتية صغيرة ومشاريع ذات العمالة الكثيفة. كما قام مشروع الأشغال العامة من خلال التعاقد مع مقاولين من القطاع الخاص المحلي بتنفيذ مشاريع صغيرة لرصف الطرق وترميم المدارس وبناء خزانات حصاد مياه الأمطار وتقديم خدمات الصرف الصحي ومياه الصرف الصحي.

وفقا لمدير وحدة العقود في مشروع الأشغال العامة، جميل حزام الذي قال: " تغطي مشاريعنا تقريبا كل المحافظات والمديريات اليمنية، ونحن نتميز عن الأخرين بأننا نقوم بتدخلات في المناطق التي لا تقوم به اي جهة أخرى، ولدينا القدرة والخبرة في العمل تحت ظروف صعبة وفي المناطق النائية."

إنجازات مشروع الأشغال العامة: لمحة سريعة

حتى ديسمبر 2019:

  • تم تنفيذ 1,424 مشروع بواسطة 751 مقاول من المقاولين والذين بدورهم قاموا بتوظيف 117,538 عامل (%30 منهم من النازحين داخلياً و%40 من العاملين من المجتمعات المحلية) في 307 مديرية من الــ333 من مديريات الجمهورية اليمنية
  • تم توظيف 4,775 عاملة من الإناث
  • توفير 2,084,121 يوم عمل
  • تمكن 2,752,953 يمني من الوصول إلى الخدمات الأساسية (بما في ذلك 362,323 متر مكعب من المياه و13,211 هكتار من الأراضي الزراعية وإصلاح 46 كيلومتر من الطرق التي تعد شريان الحياة وتأهيل 2,533 فصل دراسي في 234 مدرسة)

وعلى نطاق واسع، يساهم المشروع في الحد من الهجرة الداخلية ويعزز البنية التحتية الأساسية في اليمن على المدى الطويل وفي جميع القطاعات.

 إنقاذ الأرواح عبر رصف طرق حيوية

شريط واحد من الطريق من وإلى مدينة تعز المؤدي إلى لحج وعدن يعد شريان الحياة، ويوفر ممراً أمناً للعائلات الفارة من النزاع في المدينة. في عام 2016، عشية الاحتفال بعيد الاضحى، فقدت سيارة سيطرتها في الطريق المحفوفة بالمخاطر، وتوفي أربعة أشخاص بعد سقوط السيارة في واد شديد الانحدار.

وعقب هذا الحادث المأساوي، التقى مقاولو مشروع الأشغال العامة مع أهالي المنطقة لتحديد احتياجاتهم ذات الأولوية، والذين أوضحوا بأنهم يرغبون في رصف الأجزاء الوعرة وشديدة الانحدار من الطريق الذي يستخدم بكثافة لكي يصبح أكثر أمنا للمسافرين.

قام المشروع ببناء 50 متر طولي كحائط حماية، ورصف مساحة 450 متر، واللذان يعودان بالفائدة على حوالي 37,300 نسمة، بما في ذلك ما يقل عن 600 من النازحين.

وقف العنف ضد المرأة

نظراً لأن المرأة كانت عرضة بصورة خاصة لأعمال عنف قائمة على النوع الاجتماعي طوال فترة الحرب، قام مشروع الأشغال العامة بمنح الأولوية لتوظيف وتدريب النساء المحليات كباحثات من المجتمع المحلي؛ وهذا يسمح للمرأة بالحصول على مكانة بصفتها رابحة للدخل ورب الأسرة ومساهمة في المجتمع.

ولتحديد الاحتياجات الاجتماعية الحيوية في حيها، تقوم "راية" بزيارات منتظمة للنساء في مجتمعها المحلي لتحديد حالتهن في منازلهن ومساعدتهن في تحسين حالتهن من خلال الإبلاغ عن أعمال العنف والتصعيد عند الضرورة. وهذا الأمر يعتبر بالغ الأهمية من أجل مساعدة النساء في الحصول على الدعم الذي يحتجنه لإنهاء العنف المنزلي واستعادة سلامتهن ورفاهيتهن.  

الحد من تفشي وباء الكوليرا والملاريا

تخلق النفايات والمياه المتراكمة في العديد من الأحياء في اليمن أرضية خصبة لتفشي الآفات والحشرات الناقلة للأمراض، ولقد كان تفشي الكوليرا والملاريا في الآوانة الأخيرة مدمراً؛ خاصة بين كبار السن والأطفال، ولا سيما خلال موسم الأمطار.

وفي وصف الحالة السابقة والراهنة لحي الهدى، الذي يقطن فيه محمد الموشكي، يقول محمد: "بعد تدخل المرحلة الثانية من مشروع الأشغال العامة، تغير الوضع في الحي تغيراً جذريا، واختفت أكوام القمامة التي كانت تملأ الأزقة والشوارع وتمنع وصول شاحنات نقل المياه، وشهد الوضع الصحي للسكان تحسناً وزالت تقريبا جميع الأمراض المعدية. ويمكن للناس وحركة المرور التنقل في الحي بحرية وسهولة."

استعادة الحياة في أراضي قاحلة

قبل بضعة أشهر، أصبحت معظم الأراضي الصالحة للزراعة في جعفينه أراضي قاحلة، مخلّفة معاناة بين أفراد المجتمع المحلي من سوء التغذية والعديد من المزارعين الذين يعيشون تحت خط الفقر. وعلى الرغم من حقيقة أنهم يعتمدون على الزراعة على مدار السنة لتأمين الغذاء ومصدر الدخل، فاقم ضخ نظام الري البدائي للمياه من خلال قنوات مملوءة بالأتربة من نقص المياه. 

ولإعطاء المجتمع المحلي فرصة ثانية، قام مشروع الأشغال العامة بتنفيذ مشروع للحد من فقدان المياه وإعادة الحياة إلى الأرض للمساعدة في عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي. وشهدت الظروف المعيشية للمزارعين وعائلاتهم تحسناً كبيراً ويميل المزارعون في الوقت الراهن إلى ثرواتهم الحيوانية مرة أخرى، وذلك لتوفر الأعلاف في الوقت الراهن على مدار السنة.

تقييم برنامج مشروع الأشغال العامة وأثره

بناء على طلب من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي، تم إجراء تقييم سريع لتدخلات مشروع الأشغال العامة لتقييم الفائدة التي يعود بها المشروع على المستفيدين المستهدفين والمجتمعات المشاركة. وأكد التقييم أن مشروع الأشغال العامة حقق تحسينات سريعة في البنى التحتية والخدمات المجتمعية، تماماً كما يسر الوصول إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية.

وبالإضافة إلى سد ثغرات الاستهلاك، ساعد المشروع اليمنيين المتضررين من الأزمة في استعادة سبل المعيشية المستدامة والأصول وإحساسهم بالانتماء إلى المجتمع. وعلاوة على ذلك، مكّن مشروع الأشغال العامة اليمنيين من خلال تعزيز الشراكات مع السلطات المحلية من إبراز أولوياتهم في جهود التعافي الأوسع والتخطيط للتنمية، ناهيك عن اكتساب المعرفة والمهارات الجديدة، التي مكنتهم من توسيع الفرص والخيارات المتاحة لهم.

وفي ملاحظة من سعيد أحمد، مدير مشروع الأشغال العامة، يقول: "المشروع لا يعد مصدر أخر للدخل للموظفين فحسب، بل أصبح حلقة وصل حيوية بين المؤسسة والمقاولين والمجتمع المحلي لتيسير الوصول إلى أهم الاحتياجات الأساسية."

***

بتمويل وبدعم من البنك الدولي ، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية  (SFD) و مشروع الأشغال العامة  (PWP) بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يوفر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي حوافز اقتصادية عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.