أبطال السلامة المجتمعية يساعدون في تقليل مخاطر الأجسام القابلة للانفجار وإعادة بناء الثقة في اليمن

الشعور بالأمان في مجتمعك هو أساس مهم لبناء السلام في بلد يعاني من نزاع طويل.

18 نوفمبر 2021

فتاة من حضرموت تشارك في جلسة توعية حول أنواع المخاطر المتفجرة ينظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة الاستجابة للإغاثة والتنمية. | برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

في عامه السابع، أجبر الصراع في اليمن الناس على النزوح، فيما دمر البيئة الطبيعية والبنية التحتية، تاركاً مخاطر الأجسام القابلة للإنفجار متناثرة عبر المناطق الريفية والحضرية. فكيف يمكننا استعادة الشعور بالسلامة بينما تعمل المجتمعات على إعادة بناء نفسها؟

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع السلطات المحلية في جميع أنحاء اليمن لإعادة إنشاء الخدمات الأساسية، واستعادة الثقة والوصول إلى خدمات الشرطة والعدالة، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر سلمية دون تهديد المخاطر المتفجرة.


خالد: نموذج وبطل للسلامة المجتمعية

خالد هو ناشط مجتمعي في حضرموت. على الرغم من حياته المترفة منذ الصغر، فقد تخلى خالد عن الحياة المريحة وكرس نفسه لخدمة مجتمعه من خلال التطوع مع مختلف منظمات المجتمع المدني لزيادة الوعي بمخاطر الألغام الأرضية والعبوات الناسفة المرتجلة.

يقول خالد: "أنا متزوج وأب لأبنتين. أنا حريص على ضمان أن يكون لديهم مستقبل أفضل وأكثر أماناً".

من خلال عمله، استطاع خالد إنشاء شبكة من العلاقات مع أشخاص لهم ميول مشتركة من المخلصين، داخل وخارج حضرموت، والتي تساهم في الاستجابة السريعة للاحتياجات العاجلة لمجتمعه.

أوضح خالد: "على الرغم من أنه لم يكن هناك قتال مسلح في منطقتي، فقد تم رصد بعض الألغام الأرضية والعبوات الناسفة في أجزاء مختلفة من المدينة"، وأضاف: "تم ترشيحي مع خمسة آخرين من مديريتي للمشاركة في دورة تدريبية حول كيفية إجراء جلسات التوعية لأعمار مختلفة وعلى آليات التقارير في حال العثور على تهديد متفجر".

عملياً، التحق خالد برحلته لنشر الوعي وزيادة السلامة لجيرانه وأصدقائه في عام 2017.

عبوة ناسفة في صندوق من الورق المقوى. | برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

وأشار خالد: "على الرغم من العمل الجيد الذي فعلناه، كان من المستحيل تغطية الاحتياجات في جميع أنحاء المديرية مع ستة أفراد مؤهلين فقط".

"قبل بضعة أشهر، أراد أحد عمال النظافة رفع كيس مرمي على قارعة الطريق لوضعه في صندوق القمامة، لكن كانت هناك عبوة ناسفة داخل الكيس، ما أدى إلى مقتل العامل على الفور".

خالد أثناء جلسة مع الأطفال لرفع الوعي حول مخاطر الألغام والعبوات الناسفة المرتجلة في حضرموت. | برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

في عام 2021، من خلال برنامج سيادة القانون التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أهلت مؤسسة استجابة للإغاثة والتنمية خالد ومئات آخرين للمساعدة في نشر الوعي بمخاطر المتفجرات، بما في ذلك العبوات الناسفة والألغام الأرضية.

جنباً إلى جنب مع مشروع نزع الألغام طارئ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي يهدف إلى دعم سلطات إزالة الألغام في اليمن، كان لهذه المبادرة التدريبية لمكافحة العبوات الناسفة المرتجلة هدفين في الاعتبار: (1) تحسين الوعي والتعريف بأشكال العبوات المتفجرة، و (2) ضمان معرفة الناس كيفية الإبلاغ عنها حتى يتم إزالتها بأمان من المساحات العامة قبل حدوث إصابة أو موت  و/أو الأضرار التي قد تلحق بالبنية التحتية.

وقال خالد واصفاً: "من خلال هذه المبادرة، تمكنا من الوصول إلى المزيد من الأشخاص باستخدام مواد إعلامية وثقيفية جديدة، والتي تم تخصيصها لتناسب الثقافة والبيئة اليمنية".

فتاة تلون كتيب تلوين لرفع الوعي بالمخاطر المتفجرة صمم خصيصاً للأطفال في اليمن. | برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2021

أصبح خالد وزملاؤه أكثر أبداعاً لعرض الأنواع المختلفة من العبوات الناسفة والألغام إلى جماهير مختلفة. لجذب اهتمام الأطفال الصغار، قرروا استخدام عروض الدمى لرفع وعيهم حول المخاطر القابلة للإنفجار، بينما قاموا ببث فلاشات فيديو قصيرة توعوية بهذه المخاطر عبر شبكة التلفزيون الأرضي، هذا بالإضافة إلى جلسات التوعية من بيت إلى بيت في المجتمع بأكمله.

"نتيجة لجهودنا، بدأ الناس في التعرف على الألغام والعبوات الناسفة وتجنبها. كما بدأوا في الاتصال بالمركز اليمني التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن (YEMAC) للإبلاغ عن هذه التهديدات، وبالتالي إنقاذ الأرواح".


بناء الثقة والطمأنينة من خلال الوساطة المجتمعية

البطل الآخر هو الدكتور فائز، وهو في نفس منطقة خالد. فائز هو قائد مجتمعي وأستاذ جامعي. ملتزماً بنفس القدر بصحة وسلامة أصدقائه وجيرانه، يأمل الدكتور فائز في إعادة بناء الثقة والتعاون بين السكان في منطقته.

انخفضت الثقة في الشرطة المحلية منذ اندلاع الصراع في عام 2015، وتشهد أجهزة العدالة توقف بين الوقت والآخر مع إجراءات خدمة محدودة بسبب القتال المسلح والنزوح والاضطرابات السياسية. وقد أثر ذلك على المجتمعات في جميع أنحاء اليمن، حيث أجبر الناس على حل المشكلات بشكل غير رسمي بدعم من قادة المجتمع المحترمين مثل الدكتور فائز وشيوخ القبائل وأئمة المساجد.

يقول الدكتور فائز: "الكثير من الناس يطرقون بابي لطلب المساعدة في حل المشكلات بينهم".

من خلال مشروع الأمن والحماية على المستوى المحلي في اليمن التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قامت منظمة البحث عن أرضية مشتركة (SFCG) بتدريب 120 من الوسطاء الداخليين في ثلاث محافظات يمنية، بهدف تحسين الوصول إلى خدمات حل النزاعات للمجتمعات اليمنية.

تدريب على السلامة المجتمعية في حضرموت. | برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن / 2020


غطى التدريب العديد من الموضوعات بما في ذلك مسح الصراع في المجتمع والحوار المجتمعي. "التدريب كان مفيداً للغاية وعلمني كيف أبقى غير متحيز لأي طرف، كما وضح لي مسارات الإحالة المناسبة وبروتوكولات التقارير اللازمة لجهات العدالة الفاعلة الرسمية".

في هذا المجتمع في حضرموت، فإن معظم الحالات التي تتطلب الوساطة هي نزاعات على الأراضي، وغالباً ما تنتهي بسلام. "ومع ذلك، إذا لم يتفق أحد الجانبين أو كلاهما مع الحلول التي أقدمها، فإني أقوم بإحالتها إلى الشرطة أو الجهات القضائية حسب الاقتضاء".

وأضاف الدكتور فائز "نحن لا نحل محل الحكومة أو الشرطة، فنحن نتصرف فقط كطبقة أولى في حل مشاكل مجتمعنا".

بدعم من حكومة هولندا والمكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون التابع للولايات المتحدة الأمريكية، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائه المحليين بدعم اليمنيين مثل خالد والدكتور فائز أثناء عملهم لإعادة بناء مجتمعات أقوى وأكثر صموداً.

وأختتم الدكتور فائز: "أمنيتي هي رؤية مجتمعي آمن ويعيش في وئام وعدالة".

***

يعمل برنامج الحوكمة سيادة القانون التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تحقيق التوازن بين العرض والطلب من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات لفهم حقوقهم والمطالبة بها، مع مساعدة المؤسسات على تحقيق هذه الحقوق بطريقة منصفة، وعادلة، ومسؤولة وشفافة، وشاملة، وتشاركية.

يتم تنفيذ الأنشطة بهدف بناء ثقة عامة في مؤسسات العدالة والأمن الرسمية وغير الرسمية في اليمن، وتشجيع المشاركة الواسعة والشاملة وتعزيز الملكية المحلية لعملية بناء السلام.