كيف أنهى العام 2019 كابوسًا عاشه سكان حي البادري في عدن فترة 15 عاماً

14 يناير 2020


15عامًا ومياه الصرف الصحي تخنق حي البادري في منطقة كريتر القديمة – عدن، بل وتمر من غرف ساكني هذا الحي وأماكن نومهم، مما جعل من المنطقة مصدرًا للأوبئة والأمراض.

يعيش أهل المنطقة في بيوت بُنيت منذ ستينيات القرن الماضي، وشبكة الصرف الصحي التي صُممت آنذاك لم تعد تحتمل أيضًا العبء الزائد عليها فأصبحت تلفظ كل ما يزيد عن استيعابها.

تعيش "فاطمة" في أحد البيوت القديمة، وكانت مع جيرانها في حاجة ماسّة إلى تركيب نظام صرف صحي جديد، تقول "فاطمة": " تعم الفوضى بيننا ونبدأ مسرعين في رفع كل شيء من على الأرض في كل مرة تفيض فيها مياه الصرف الصحي وتنتشر في أرجاء البيت لنتجنب اختلاطها بمياه المجاري"، تنهدت بحرقة وهي تضيف: "لقد كان كابوسًا عشناه ل 15 عامًا".

كان هناك ضروره ملحة وعاجلة لتركيب نظام صرفٍ صحيٍ جديد، فاستمرار المعاناة لسنوات طوال جعلت من أهل المنطقة يعيشون همًا يقض مضاجعهم.

حاولت "فاطمة" بكل جهدها إيجاد حل لهذه المشكلة فتقول: "كنت أتحدث مع جيراني لنتساعد في حلها ولكن بلا فائدة".

لم تكن المشكلة تكمن في قِدم أنابيب الصرف الصحي فحسب، بل أيضًا في صِغر سعتها التي تبلغ 5 بوصات. تُحدثنا "فاطمة" عن كيفية دخول مياه الصرف الصحي إلى بيتها فتقول: "يقع منزلي أسفل التل، وعندما تستد الأنابيب تعود مياه الصرف الصحي القادمة من أعلى التل لتخرج من مرحاضي وغرف التفتيش القريبة من منزلنا، وتنتشر جراء ذلك المياه القذرة في أرجاء المنزل وحوله".

استفحلت معاناة فاطمة وأسرتها مع مرور الأيام، مما اضطرها لاستقدام عامل نظافة عند أي انسداد في الأنابيب، وكذلك احترازاً لأي انسداد قد يحول مياه المجاري إلى داخل بيتها.

تقول فاطمة: "لقد اعتدتُّ أن أقوم بجلب عامل صحي كل أسبوع تقريباً لتنظيف الأنابيب؛ لتجنب أي انسداد"، وأضافت قائلة: "لقد أجبرني ذلك على اقتطاع جزء من مصاريفنا اليومية لحل هذه المشكلة، حتى أني قمت برفع المرحاض وعتبة باب الحمام من مستوى الأرض، ولكن مياه الصرف الصحي - على الرغم من كل تلك الجهود – استمرت في التدفق من وقت الى اخر".

تقول "فاطمة" بصوت يائس: "لقد بدا لي أن الصراع الدائر في اليمن قد حطم أي أمل في التدخل لحل هذه المشكلة".

ومن عمق المعاناه التي تعيشها اليمن، تدخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشريكه الوطني المنفذ "الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD)"، في إصلاح نظام الصرف الصحي بدعم من البنك الدولي .

تم منح فرص العمل في المشروع للأشخاص النازحين داخلياً والأقل حرماناً في المجتمع من خلال أنشطة النقد مقابل العمل، و استبدال الأنابيب القديمة (مقاس 5 بوصات) بأخرى جديدة بمقاس 8 بوصات، وتم

بناء غرف تفتيش جديدة؛ لتلبية احتياجات السكان المتزايدة أعدادهم، و تنظيف الأزقة الخلفية في الحي من القمامة المتراكمة ومن ثم تعبيدها بالإسمنت.

تبتسم فاطمة وهي تقول: "لقد سادت راحة البال في منطقتنا منذ بداية العام 2019؛ فقد تم القضاء على مخاطر الكوليرا والملاريا الآن". وأضافت: "أخيرًا انتهت المعاناة التي استمرت 15 عاماً. لم تعد مياه الصرف الصحي تخرج من المرحاض، واختفت أكوام القمامة من منطقتنا، وأصبحنا نعيش فعلًا في منطقة خالية من أي مسببات للأمراض".

تنهي فاطمة حديثها بالقول: "أحفادي السبعة في مأمن الآن من الإصابة بالكوليرا أو أي مرض آخر. شكرًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وللصندوق الاجتماعي للتنمية لإنقاذنا من الأمراض التي كانت تعيش بيننا"

وتعبيرا عن امتنانها تقول فاطمة: "شكرًا للعاملين في المشروع أيضاً، لا أملك إلا الماء البارد والشاي بالحليب لأقدمه لهم".

بتمويل ودعم من البنك الدولي ، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD) و مشروع الأشغال العامة (PWP) بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يوفر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي حوافز اقتصادية في شكل مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة ، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية ، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة اليمن.