القادة الشباب: مهندسو الميكاترونيك يقودون ابتكار حلول محلية من أجل تعافي اليمن

12 نوفمبر 2020

 

كتبه: آرفيند كومار، مدير مشروع دعم صمود سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن

يجلس المهندسون اليمنيون سويًا للعمل على تصميمات النماذج الأولية | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن /2020

مع معدل وفيات أعلى بخمس مرات من المتوسط ​​العالمي، وآثار الحرب المدمرة على الحصول إلى الرعاية الصحية، والافتقار الى النظافة والصرف الصحي، فإن أزمة وباء كورونا جاءت أصلاً في خضم أزمة يعاني منها اليمن. يعتمد المواطنون على بنية تحتية صحية متداعية وخدمات متردية في إدارة المياه والنفايات الصلبة. وبينما كان معظم العالم يطبق حظراً شاملاً للتجوال، كان هناك 3.5 مليون يمني يعيشون في حالة نزوح وكانت المجاعة تدق باب أكثر من 8 ملايين شخص. علاوة على ذلك و مع اجراءات اغلاق المنافذ الداخلية والخارجية طويلة الأمد، يصبح استيراد السلع الأساسية أمراً صعباً.

سيناريو مثل هذا يمكن أن يصبح بسهولة قصة حزن وضياع، لكن الشباب اليمني كان لهم رأي آخر.

بعد أن تابعنا مواهب 12 شابًا عاطلاً عن العمل من مهندسي الميكاترونيك في هاكاثون اليمن 2020، سألناهم: كيف يمكنكم مساعدة اليمن على مواجهة كوفيد-19؟ بفضل معرفتهم ومهاراتهم والتزامهم، كانوا بالتأكيد قادرين ومصممين على التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن في مواجهة الوباء. 

مهندس يمني يعمل على نموذج أولي لجهاز التنفس الصناعي | ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن /2020

قادة محليون في الابتكار

أدى التأخيرالطويل والتكلفة العالية لاستيراد معدات الحماية الشخصية (PPE)، وممرات التعقيم، وأجهزة التنفس الصناعي، ودروع الوجه وأغطية ورداءات المستشفيات إلى الحد من قدرة الأشخاص الذين بادروا بالاستجابة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة، بشكلٍ آمن،  لإولئك الذين أصيبوا بفيروس كورونا. لكن الحلول المحلية أكثر ديمومة. في حال أستطاع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تزويدهم بالتمويل لشراء المواد والمكونات الأساسية لتصميم المعدات الطبية الحيوية، يمكن لمهندسي الميكاترونيك أن يجعلوا من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة في اليمن ممكناً وبأقل كلفة.

مسلحين بالمهارة التقنية والشغف، بدا لهؤلاء المهندسين مستقبلًا يمكن فيه للمعدات المنتجة محليًا وبأسعار معقولة إنقاذ حياة الناس ولكنهم كانوا بحاجة إلى الدعم. قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدعم لهم من خلال وصلهم بـ "مهندسين بلا حدود" وجامعة ويسكونس، حيث استفادوا من الخبرة الطبية العالمية وحددوا هدفهم لإنتاج منتج يجتاز معايير منظمة الصحة العالمية.

نظرًا لأن الوقاية من الوباء تتطلب الابتعاد الجسدي، فقد تم إجراء جميع الاتصالات عبر الإنترنت. في اليمن، واجه المهندسون المحليون ضعفًا في الاتصال وانقطاع الكهرباء، مما جعل التبادل الافتراضي صعبًا في بعض الأحيان. لكن المثابرة وساعات العمل الطويلة سرعان ما أسفرت عن النماذج الأولية بما في ذلك نفق للتعقيم مع إمكانية تسجيل درجة حرارة الإنسان، وكذلك أغطية ورداءات المستشفيات، ودروع الوجه، وآلة صنع الكمامات ذات القدرة على إنتاج 72,000 كمامة يومياً.

كان أحد الأسباب الرئيسية لنجاح المهندسين هو استخدام المواد الخام المحلية وبأسعار مناسبة. لم يتغلب هذا على القيود في الاستيراد فحسب، بل قدم فرصة إضافية لتوسيع نطاق الإنتاج بمساعدة المؤسسات المحلية متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تكافح من أجل تحقيق مبيعات كافية خلال الأزمة، وقد أتيحت لها الآن الفرصة لبدء إنتاج منتجات جديدة تقدم فائدتين مهمتين للغاية: زيادة الإيرادات والمساعدة في الحفاظ على سلامة المجتمع آمنةً خلال فترة الوباء.

فرصة واعدة للمشاريع المحلية

لقد أجبر الوباء ما يقرب من 50 في المائة من المشاريع الصغيرة و 90 في المائة من الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على الإغلاق أو تقليل عدد موظفيها. أدى انخفاض الإيرادات إلى الحد من القوة الشرائية لأصحاب الأعمال وموظفيهم ودفع المواطنين الأضعف إلى الاقتراب من الجوع  وحافة المجاعة.

ولكن مع زيادة الطلب على معدات الوقاية الشخصية نشأت فرصة جديدة للشركات المتناهية الصغروالصغيرة والمتوسطة و كذلك للاقتصاد المحلي، مما أدى إلى خلق علاقة تعاونية بينهم و بين المهندسين. يمكن أن يؤدي نجاح مهندسي الميكاترونيك إلى خلق وظائف جديدة ودخل أكثر استقرارًا لليمنيين أيضًا.

من خلال تصميمات المهندس، أنتجت أكثر من 2,000 شركة متناهية الصغر ووصغيرة و متوسطة،  يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أكثر من 52,000 كمامة، و 300 عباءة مستشفيات، و 4,000 لتر من الصابون السائل - مما نتج عنه أرباح تزيد عن 13,000 دولار أمريكي.

ولكن ماذا لو تم إنتاج النماذج الأولية على نطاق واسع؟ ستزداد الطاقة الإنتاجية المحلية ويمكن أن يعزز ذلك إمكانات الإنتاج اليمني للأسواق المحلية - وربما الدولية – و يعزز قدرة الشركات المحلية و يدعم الاقتصاد المحلي والوطني.

على مدى الأشهر المقبلة ، سيواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن دعم المهندسين في طرح تصاميمهم. ستتمكن الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من شراء آلات إنتاج معدات الوقاية الشخصية ويتعرفوا على كيفية صنع المعدات الطبية الهامة على نطاق واسع للاستهلاك المحلي وبأسعار معقولة.

ملكية الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن /2020

قادة اليمن الشباب

يؤمن هؤلاء الشباب ذوو الإرادة القوية بأن كل شخص لديه ما يقدمه، وأنه إذا عملنا معاً، يمكننا مجابهة الوباء محلياً، وطنياً  وعالميًا.

لكن هذا يتجاوز كوفيد-19. إن تمكين الشباب اليمني من خلال التدريب على المهارات والتمويل، يضمن الحلول المحلية والمستدامة للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتواصلة و كذلك العثرات الناتجة عن الأزمات الإنسانية والتنموية في اليمن اليوم.

يبتكر مهندسو الميكاترونيك اليمنيون الشباب معدات لمواجهة وباء كورونا والتي تشتد الحاجة إليها