ملاحظات الأمين العام في مؤتمر المانحين من اجل اليمن

3 مارس 2019

ملاحظات الأمين العام في مؤتمر المانحين من أجل اليمن- مصدر الصورة: in.one.un.org

جنيف - سويسرا - 26 فبراير 2019

[كما تم تسليمه]

أصحاب السعادة، السيدات والسادة

يشرفني ويسرني أن أرأس هذا المؤتمر وأرحب بكم جميعًا اليوم في جنيف. وإذا سمحتم لي فسأسمح لنفسي بإلقاء كلمة البيان الافتتاحي.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة
يسعدني حقًا أن أكون هنا معكم اليوم لإظهار التزامنا المشترك تجاه ما يعانيه الشعب اليمني.

وأود أن أشكر حكومتي السويد وسويسرا على مشاركتهما في استضافة هذا المؤتمر للسنة الثالثة على التوالي وعلى تضامنكم ودعمكم المستمر.

عقد مؤتمراً ثالثا للمانحين ليس أمرًا جيدًا أبدًا. نتمنى جميعًا أننا لا نحتاج للعودة إلى هنا. لا يزال اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

مع استمرار النزاع، يحتاج 24 مليون شخص – اي حوالي 80 % من السكان - إلى المساعدات الإنسانية والحماية. ومع استمرار القتال وانهيار الاقتصاد، أصبح مليوني شخص إضافيين للأعداد السابقة في أزمة إنسانية في العام الماضي.

سيكون هناك 2 مليون فتاة وفتى ورجل وامرأة يحتاجون إلى المساعدات المنقذة للحياة وهذا بحد ذاته وضع طارئ ومخيف، ولكن في اليمن يعد جزء صغيراَ من كارثة إنسانية ساحقة.

قُتل أو جُرح عشرات الآلاف من الأشخاص منذ تصاعد النزاع اغلبهم من المدنيين وتوفي آخرون بأعداد كبيرة بسبب أمراض يمكن الوقاية منها وازادت الاعداد وتفاقم الوضع بسبب سوء التغذية.

أصبح عشرين مليون شخص غير قادرين على توفير الطعام لأنفسهم أو لأسرهم بشكل مستمر. وحوالي 10 مليون شخص على بعد خطوة واحدة عن المجاعة.

لم يشعل الأطفال الحرب في اليمن لكنهم يدفعون الثمن الأعلى. يعاني حوالي 360,000 طفل من سوء التغذية الحاد، يقاتلون من أجل حياتهم كل يوم. وقدر تقرير موثوق به عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين ماتوا بسبب الجوع بأكثر من 80,000.

أدى استمرار النزاع في المدن إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين أجبروا على النزوح والخروج من منازلهم ليصل العدد إلى 3.3 مليون شخص مقارنة بـ 2.2 في العام الماضي.

أكثر من نصف المرافق الصحية عاطلة عن العمل ونحو 20 مليون شخص لا يحصلون على رعاية صحية كافية.
في عام 2017، سجلت معدلات الاصابة بوباء الكوليرا في التاريخ إلى مستويات غير مسبوقة بسبب انهيار إمدادات المياه والاصحاح البيئي وانهيار خدمات الصحة العامة. تعمل الوكالات الإنسانية ميدانيا مع المؤسسات العامة مما قلل وإلى حد كبير من انتشار الكوليرا. لكن الخطر لا يزال قائما، لأن قرابة 18 مليون يمني ما زالوا يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب أو الصرف الصحي.

هناك مليوني طفل في اليمن خارج المدارس وتأثرت 2000 مدرسة بشكل مباشر من النزاع، حيث تضررت المدارس اما جزئيا أو كلياَ أو تحولت إلى مأوى للنازحين أو احتلتها الجماعات المسلحة. لم يتلق نصف المعلمين في اليمن رواتبهم منذ أكثر من عامين رغم الجهود الكبيرة الحالية التي تبذلها الحكومة اليمنية لزيادة دفع الرواتب في جميع أنحاء البلاد.

وكما هو الحال في جميع حالات الطوارئ الإنسانية تعاني النساء والفتيات من أزمة داخل الأزمة. فهن أكثر عرضة لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وزواج الأطفال. أكثر من ثلثي الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل وصولهن سن 18 سنة وقد ارتفع العدد بنسبة 50% عما كان عليه قبل بدء النزاع.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة

نحن هنا لعمل استجابة لأزمة ذات أبعاد مدمرة.
لكننا نعرف أنه لا توجد حلول إنسانية للمشاكل الإنسانية.
لذلك، أود أيضًا أن أرحب بالتقدم الذي تم إحرازه في مساعي إنهاء النزاع والذي يعد السبب الأساسي لهذه المعاناة الغير المسبوقة.

ورغم ان الطريق لا يزال طويلا وهناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها إلا أن هناك بعض علامات الأمل.
ادى اتفاق ستوكهولم الذي تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة في ديسمبر 2018، وقرار مجلس الأمن 2451 الذي أقر هذا الاتفاق، إلى وقف إطلاق النار في الحديدة مع استمرار جميع المشاكل التي نعرفها.

عبر الطرفان عن التزامهما في تنفيذ عناصر أخرى من الاتفاقية، فيما يتعلق بمينائي الصليف ورأس عيسى وآلية تنفيذية لتبادل الأسرى.

وتعمل بعثة الأمم المتحدة التي تم تشكيلها حديثاً لدعم اتفاق الحديدة عن قرب مع الأطراف لتحقيق تقدم نحو إعادة نشر القوات وفتح الممرات الإنسانية. وهنا أشكر المبعوث الخاص مارتن غريفيث على جهوده.

أحث الطرفين على مواصلة مفاوضاتهما واختيار الطريق إلى السلام الدائم.

إن وحدة المجتمع الدولي والدعم القوي الذي قدمته الدول الأعضاء للعملية السياسية كانت وستظل ضرورية.
لكن حتى اثناء تحركنا نحو السلام، وكما اخبرتكم، هناك طريق طويل يجب ان نقطعه ويجب زيادة العمل الإنساني هذا العام.

في العام 2019 تتطلب خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 4 مليار دولار للوصول إلى 15 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، وسيخصص أكثر من نصف التمويل لزيادة عدد الذين تم الوصول إليهم عن طريق المساعدات الغذائية الطارئة إلى 12 مليون شخص كل شهر.

ففي ديسمبر وبفضل سخاء الجهات المانحة رفعت الأمم المتحدة وشركاؤنا في الميدان عدد الأشخاص الذين تم الوصول إليهم من 8 مليون شخص إلى أكثر من 10 مليون شخص. ومع ذلك لابد من مضاعفة الجهود.

في العام الماضي جمعنا 2.6 مليار دولار أو 83% مما كان مطلوبًا. وعلى مدار العام، وصلت أكثر من 200 منظمة ووكالة إغاثية إلى الناس في جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية.
أشكر الجهات المانحة على التمويل السخي الذي تعهدت به أو التزمت به فعليا لعام 2019 قبل فعالية اليوم.

وفي الشهر الماضي قام منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بتخصيص 32 مليون دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ لتعزيز العمليات اللوجستية الإنسانية.

إن تعهدات اليوم ستساعد العاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء اليمن في الوصول إلى عدد أكبر من النساء والرجال والأطفال الذين هم في أمس الحاجة إلى هذه المساعدات.

وأحث جميع الأطراف على توفير الوصول الإنساني الآمن وغير المقيد وغير المشروط إلى جميع أنحاء البلد واحترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.

اغلب العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية في اليمن يمنيون وهم يساعدون أبناء وطنهم ونسائه، وأشكرهم على خدمتهم وجهودهم.

على مدى سنوات استضافت اليمن مئات الآلاف من اللاجئين والمسافرين.

بصفتي المفوض السامي لشؤون اللاجئين، شاهدت بنفسي كرم الضيافة والطيبة المشهور بها اليمنيين في مساعدة المحتاجين.

كنت دائمًا معجبًا جدًا بكرم الشعب اليمني. حيث كان يصل الصوماليون قبل بضع سنوات وبأعداد كبيرة إلى السواحل اليمنية وحصلوا جميعًا على صفة لاجئ جديد في حين رأينا ان العديد من الحدود الأخرى قد اغلقت ابوابها امامهم. وقد تشارك اليمنيون مع الصوماليين مواردهم الضئيلة للغاية ولم يجمعوهم في مخيمات فقط - فالأغلبية العظمى من هؤلاء اللاجئين سكنوا في المدن واستفادوا من تضامن وطيبة الشعب اليمني.

أعتقد أن هذا الكرم الكبير من اليمنيين يحتاج إلى كرم مماثل من المجتمع الدولي لدعم شعب يستحق وبكل جدارة الالتزام والتضامن الكامل والوقوف الى جانبه.

وليس لديّ شك في أن اليمن سيقف على قدميه مرة أخرى ويلعب دوره الكامل في المجتمع الدولي.

وحتى ذلك الحين، أعلن تضامني مع ملايين اليمنيين الذين يعانون. والأمم المتحدة والمجتمع الدولي معكم في كل خطوة.

معا، إن شاء الله، يمكننا إنهاء معاناة اليمن.

شكرا لكم